أمل عرفة: الغياب مثل حضوري.. أنا انتقائية وأحاول أن أصنع من التلفزيون ذاكرة
ہإذاً غيابك لم يكن بسبب الإنجاب؟
ہہأنا باعتقادي أن الإنجاب لا يكون ثمنه الغياب بل ثمنه الاهتمام، ومحاولة التنسيق بين العمل وواجبات الأمومة، وفرز الوقت بشكل سليم وسوي وعلى قدر حاجة الطفل التي تتحدد من خلال عمره وتفاصيل أخرى، ففي العمل أنا ممثلة، وخارج العمل أنا أم سلمى ومريم، وغيابي أسبابه فنية بحتة.يضاف إلى ذلك يقين لدي بأن ما يجعلني أغادر بيتي يجب أن يكون مهماً لاسمي ولأولادي. أي على الأقل أن يكون سبب غيابي عنهم لصالح قيمة فنية مهمة. كما أنني من النوع الذي لا يحبذ العمل أثناء فترة الحمل، وحدث هذا باستثناء وحيد وهو تصويري لدور أساسي في السينما بفيلم (الليل الطويل ( لحاتم علي مخرجاً وهيثم حقي مؤلفاً.بينما كان صعباً أن ألعب دور البطولة في مسلسل )العار(لرشا شربتجي بسبب حملي طوال فترة التصوير.ولكن من الاستحالة عندي أن أقارن أمومتي لسلمى ومريم بأي شيء في الكون فأولادي هم الخيار الأول في حياتي ومن بعدهم يأتي أي شيء آخر.
ہألا تظنين أن غياب الفنان مضرٌ مهنياً؟.
ہہهذا السؤال قد يكون ملائما لممثل بالكاد يبدأ طريقه وبحاجة للانتشار والتواجد. والغياب يصبح في مرحلة ما صنعة تحتاج ذات القوة التي يحتاجها أن تكون موجوداً، وأقصد بالضرورة (الوجود الحقيقي وليس المجاني)
ہوما هي أسباب غيابك الفنية؟
ہہلا أعرف أين يكمن الوجع تماماً، ولكن كوني قرأت سبعة أعمال هذا العام أستطيع القول بأن الشخصيات النسائية هي شخصيات تسند الشخصيات الذكورية والتي تكون عادة محور الأحداث، وهذا قد يناسب غيري أكثر. هذا واحد من الأسباب تضاف إليها أسباب أخرى مادية وفنية وزمنية. ولكن لنكن صريحين ونقول إن غيابي بالتأكيد ليس مقصوداً، فأنا أعشق العمل، ولكني انتقائية، وأحاول كغيري (ربما هم قلائل)أن نصنع من التلفزيون ذاكرة.
ہانتهيت من تصوير دورك في مسلسل (قلوب صغيرة)ما الذي دفعك للعودة من خلال هذا العمل؟ وأين تكمن أهميته؟.
ہہالعمل اجتماعي ويناقش قضايا إشكالية متعددة، ويدخل في تفاصيل حياة الناس المنسيين في القاع الاجتماعي.وقد أحببت شخصيتي في هذا العمل، ففيها شيء جديد لم يسبق لي أن قدمته، وقد اخترتها بالاتفاق مع عمار رضوان مخرج العمل، الذي كان لديه رغبة بأن ألعب إحدى الشخصيات الأساسية في العمل، لكني فضلت الدور الأصغر لأنه أكثر خصوصية.
ہهل ستقتصر مشاركتك على هذا العمل؟.
ہہ لا.. سأصور قريباً مع المخرجة الشابة (إيناس حقي( شخصية صحفية في مسلسل اسمه المبدئي )أصوات خافتة)، وهي فتاة توفي والدها منذ زمن، ولكنها تتعامل مع الموضوع وكأنه حدث بالأمس، لدرجة أنها تبحث عن شخص يشبه والدها لترتبط به، ولكن ما يحدث أن الظروف تجعلها تلتقي برجل لا يشبه والدها أبداً. وهذا تأكيد على أن الحياة المقبلة أجمل وأحلى، بالإضافة إلى مستويات أخرى لدى الشخصية، تتقاطع مع الخطوط الدرامية الأخرى.
ہأنت تعملين على نصك بنفسك. ما الذي تحققه لك هذه الصيغة كممثلة؟.
ہہالكتابة عالم لم يكن يوماً ببعيد عني، فأنا أهوى الأدب والقراءة، وعلاقتي بالأوراق والقلم ليست حديثة. إنها نافذة أخرى أستطيع من خلالها فهم الحياة من جانب آخر وزوايا متعددة، وفعل الكتابة عندي لا يقتصر على ساعات العمل في مكتبي، وإنما هو حالة مستمرة من البحث والتراكم والتفكيك والتحليل وإعادة صياغة الأشياء والأحداث والبشر وحتى نفسي!.
ہما الذي لا يعجبك في النصوص الدارجة حتى تكتبي بنفسك؟
ہہأنا لا أكتب لأن هناك ما لا يعجبني، بل أكتب لأنني أحب الكتابة، وأحب أن أعبر عما يجول في نفسي، وما أراه من زاويتي كإنسانة وممثلة وقارئة.
ہيقال إن أمل عرفة عندما تكتب تركز على شخصية محورية تقوم هي بتمثيلها وتهمل بقية الشخصيات في العمل فهل ستفعلين ذلك في نصك الجديد؟
ہہلا أوافق على هذا الكلام. والدليل أن هناك ممثلين كبار لعبوا أدواراً مهمة في مسلسلي (عشتار( و)دنيا)فلماذا يوافقون على التواجد في عمل يكونون فيه ظلاً لي؟! ما من أحد يضطر لفعل ذلك.ولو لم يجدوا شيئا مهما في أدوارهم، لرفضوا المشاركة).ففي مسلسل (عشتار لم تكن عشتار البطلة المطلقة، فشخصية الجدة كانت محورية في العمل، وكذلك شخصية جواد باشا، وشخصية العمة وغيرها من الشخصيات، ولكن ربما هيئ لك ذلك لأن أسلوبي في الكتابة يشبه النفس الروائي.
ہ أو ربما بسبب العناوين؟!
ہہالعنوان من حق الكاتب دائماً، وأنا أحب أن اسمي مسلسلاتي باسم الشخصية التي سأجسدها، لأنه مختصر ومفيد، ويرمز إلى جوهر الفكرة التي أطرحها. فعشتار رمز الخصوبة والحب والعطاء، وأزمتها في الحياة أنها كانت كذلك سواء عندما كانت على هامش الحياة، أو عندما سلط الضوء عليها وصارت نجمة بمقياس النجومية التي قدمتها، كشكل من أشكال السلطة. ودنيا هي جزء من المفهوم العام لرحلة دنيا في هذا العالم.
ہدورك في مسلسل (غزلان في غابة الذئاب( شكل صدمة للمشاهد في بعض المشاهد، هل تعتقدين أن هذا العنف يناسب التلفزيون وخصوصاً أنه يتصف بأنه أسري؟
ہ أعتقد أن مشاهد العنف الحقيقية في مسلسل (غزلان في غابة الذئاب( لم يكن لها علاقة بالدم، بالعنف كان من نوع آخر، وهو الظلم البشع. وكنت قد تمنيت بالنسبة للعنف الظاهر، أن تقوم المحطات بالتنبيه إلى ضرورة إبعاد الأطفال دون سن معينة. وأنا شخصياً لا أسمح لابنتي بمشاهدة أعمال الكبار. ولكن العمل عرض في توقيت يفترض أن يكون الأطفال خلاله نيام.
ہما سر التفاهم الكبير بينك وبين المخرجة رشا شربتجي؟
ہہكانت لي تجربة واحدة مع رشا.وهي مخرجة واثقة من نفسها. وإمكانياتها المتميزة تمثل بوصلة للممثل، فمعها أستغرق في عملي، لأنها تملك عيناً ذكية وحساسة، وهي تثق بي، وهذه الثقة عندما تمنح للممثل تفسح أمامه المجال للتركيز على أدائه، وبالإضافة إلى ذلك، فإن رشا تعرف كيف تمسك إيقاع المشهد، فتقسمه إلى بداية وذروة ونهاية، فيبدو متكاملاً.وربما ما يجمع بيني وبينها أن والدها هشام شربتجي، ووالدي سهيل عرفة، وكلانا ورثنا من أبوينا حب الفن والتعامل معه باحترام شديد.
ہهل تعتقدين أن هناك ما يهدد الدراما التلفزيونية السورية؟.
ہہلا أرى هناك منافسة فنية بقدر ما يوجد كارثة لها علاقة بالتسويق، ونحن ننتهي من أزمة التسويق عندما ننشط السوق الداخلية السورية من خلال المحطات السورية بقطاعيها الخاص والعام، ما يخلق حالة تنافس بين المنتجين وبين هذه المحطات بالذات، فإذا أخذت كل محطة خمسة أعمال ودفعت لهم سعر العرض الأول كما تفعل المحطات العربية فسنكون بمرحلة اكتفاء، وإذا أردنا بيع أعمالنا إلى الخارج فسنبيعها ونحن مرتاحون، وهذا الأمر لا يقدر الممثل على حله لأنه الحلقة الأضعف.
هناك خطر على المهنة ككل، فالظرف الاقتصادي يعطلها والظرف السياسي يوقف تسويق الأعمال، والحل يكمن في أن تحولها الدولة إلى صناعة تقوم بحمايتها عن طريق تنشيط السوق الداخلية.الدراما السورية بحاجة إلى حل سريع واهتمام فائق من الدولة في طريقة التعامل معها على أنها صناعة سورية أولى بامتياز.
ہ لماذا لم تذهبي إلى مصر كغيرك من الفنانين؟
ہہالذهاب إلى مصر أو إلى أي مكان يجب أن يكون له ما يبرره على المستوى الفني، فما هو الموجود عندي وغير الموجود عند النجمات المصريات؟.وما الضرورة الملحة لكي أكون في عمل مصري؟ أنا لا ابحث عن الانتشار أو عن فرقعات على مستوى الوطن العربي.ولن أشارك في عمل مصري إلا إذا كان لمشاركتي فيه ما يبررها.
ہوكيف تنظرين إلى عمل بعض الفنانين السوريين في الدراما المصرية؟
ہہكثيرون قالوا إن الدراما السورية لن تتأثر بغياب هؤلاء النجوم، وكنت أتبنى هذا الكلام، لكني بصراحة عدلت عن ذلك، فلا يمكن الحديث عن دراما سورية دون
هيثم حقي وحاتم علي وجمال سليمان (على سبيل الذكر وليس الحصر( فالناس تسأل أين هؤلاء؟. صحيح أن الدراما السورية تسير من غيرهم، ولكن بوجودهم تصبح أغنى وأهم.
ہعرض عليك تقديم شخصية الراحلة (سعاد حسني( في مسلسل مصري، مع عرض باحتكارك لمصلحة أضخم استوديوهات مصر، فماذا حدث؟
ہلا أحبذ فكرة تجسيد السير الذاتية لشخصيات من التاريخ القريب، إضافة إلى أني لو خيرت بين أن أؤدي شخصية (سعاد حسني( أو شخصية من هذا الزمن، لاخترت هذا الزمن ووجعه أما عن عرض الاحتكار فلك أن تتخيلي ثمنه النفسي لمجرد أن أفكر في العيش خارج سورية، رغم أن مزمار حينا لا يطرب دائماً، إلا أنني أطرب له حتى بنشازاته المؤذية في بعض (الغصات)!!!..ورغم ذلك..من يدري؟!
ہهل تعتبرين نفسك علامة مميزة في الدراما السورية؟
ہہبمعطيات المنطق؟..نعم ...وبمعطيات الغياب...نعم ...أما بمعطيات التاريخ فلا أحد يجزم فالتاريخ الفني للمشهد الحالي ما زال يكتب.
ہهل أنت مغرورة؟
ہہلا يحق لأكبر قامة فنية ولا لأصغر قامة فنية ناشئة أن تصاب بالغرور. ولكن علي التوضيح للبعض أنه من لا يعرف ما معنى عزيز النفس هان عليه أن يسميه مغروراً.
ہأنت واثقة جداً بنفسك وبإمكاناتك الفنية؟.
ہہثقتي بخير لكنها لا تقتل قلقي، فأنا بحاجة دائمة إلى القلق الممزوج بالثقة.
ہهل أنت ناقدة لنفسك؟.
ہہنعم خاصة في الإعادة الثانية للعمل أبقى مرتاحة مع ذاتي أكثر، والعين الناقدة لدي تستيقظ أكثر، ولكن عموماً أنا لست من الأشخاص الذين يشاهدون أعمالهم كثيراً، بل اكتفي بمرة واحدة فقط وبمرة ثانية متقطعة والسبب أنني لا أحب أن أحفظ نفسي أي أن الدور انتهى.
ہلماذا لا نقرأ لك لقاءات تلفزيونية أو صحفية؟
ہہأنا لا أجري لقاءات بالمجمل منذ أكثر من أربع سنوات أو أكثر وأشعر أن ما أريد قوله يصل للناس، وإذا أردت الظهور فمن خلال برنامج على الهواء مباشرة أقول ما أريد براحتي وتصل الفكرة كما أريدها أنا.أما بالنسبة للصحافة المقروءة فهناك الكثير من المشكلات خاصة في المجلات التي تضع على غلافها صورة فتاة من جماعة (السيليكون( تتحدث بآخر أعمالها وتبدو مستبشرة بجهلها بل وتفتخر به أيضاً، بينما الممثل في الداخل يتحدث عن الثقافة والفن. منابر من هذا النوع لا افتخر بوجودي على صفحاتها ولا على أغلفتها.وبالتأكيد هناك استثناءات وإلا لما كنت معك الآن ومع صحيفة تشرين.